الريادة والمعرفة في النصوص (القرآن الكريم والسنة المطهرة)

المقدمة

 

 

المعرفة فاعلية ذهنية ومنتجا عقليا يتداخل فيها النسبي بالمطلق, والخاص بالعام, والذاتي بالموضوعي, والوهم بالحقيقي, لتظل المعرفة بمجملها بحاجة إلى المراجعة والتقويم.

حيث أن المعرفة الوضعية هي في فضاء تداولها العربي الإسلامي توسم بمعرفة منقولة بمعظمها عن الآخرين فكان لا بد من وجود إشكاليات معرفية وأيدلوجية مما يشكك في موضوعيتها وصلاحيتها لكافة المجتمعات والأفراد والزمان, وخصوصا الإنسانية المستمدة من فلسفات متعددة, مما يعني بأن هذه المعارف ما هي الا إنعكاس لواقع معين وتجربة محددة وبيئة خاصة نمت بها, فكان الحكم على ايجابية هذه المعارف تتم في سياق بنائها الاجتماعي وخدمتها لصالح منتجها مما يجرح في مصداقيتها وحياديتها.

ولنا في نصوص الكتاب والسنة المصدر الصادق للمعرفة والعلم, فقد جاءت هذه النصوص لتزويد الإنسان بصورة عامة والمسلم بصورة خاصة بالإخبار عن الأمم السابقة وكذلك الأحداث اللاحقة, وكذلك بالمعرفة والعلم الذي يحتاجه الإنسان في حياته الدنيا وما ينفعه في الآخرة, وربط هذا كله بقانون السببية, وهي تلازم شيئين وجودا أو عدما, فأحدهم يسبق الآخر, فالأول سببا والثاني نتيجة, وهذا يتفق مع عقل الإنسان الذي لا يعرف أمرا غير مربوطا بسبب, والذي أرسى القوانين العلمية وقاد إلى اكتشافها والوصول إلى خصائص الأشياء, قال تعالى (إنا مكنا له في الأرض وءاتينه من كل شيء سببا) ( سورة الكهف84) .

ولتكتمل دائرة المعرفة والعلم الصحيح كانت مكونات العلم ومرتكزاته تعتمد على النقل الصحيح الذي هو كلام الله سبحانه وتعالى وأحاديث المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى علية الصلاة والسلام, مع العقل الصريح الذي وهبه الخالق المبدع للإنسان فأكرمه به ليتفكر ويربط الأسباب بالمسببات ويهتدي إلى خالقة, والفطرة السليمة التي جاءت لتكون طريقا صحيحا يسلكه الإنسان وميزان يبين مدى الانحراف عن الحق, وهذا كله يجب أن يكون ضمن الواقع الموضوعي, المعني بإمكانية تطبيقه في كل زمان ومكان. فكان القرآن الكريم نصوص بينة يدركها كافة الناس وكلٌ يأخذ منها مقدار علمه, متجددة لا يحدها زمان أو مكان أخبرت في كل مجالات الحياة والعلم فكان الفتح البشري في آفاق العلوم والمعارف شاهداً على الحقائق العلمية والمعرفية المقطوع بها, والتي تتطابق مع الواقع, وعليها الدليل, والعلم التجريبي قال بها, فقد قال الجراح الفرنسي البروفيسور موريس يوكاي في كتابه (الأديان الثلاث في ظل المعارف الحديثة) بأنه لم يجد في القرآن الكريم ما يكذبه العلم أو قال بخلافه بل على العكس كان المرجعية في التصحيح والتعديل.

Comments are closed.

Thanks for downloading!

Top